جريدة القدس العربي: وداعاً للحريات الصحافية في مصر
الأربعاء, 13-10-2010 - 4:34الأربعاء, 2010-10-13 16:34
Select ratingإلغاء التقييمضعيفمقبولجيدجيد جداًممتاز
إلغاء التقييمضعيفمقبولجيدجيد جداًممتاز جريدة القدس العربي: وداعاً للحريات الصحافية في مصر
شهدت مصر طوال السنوات العشر الماضية جرعة كبيرة من الحريات الاعلامية، حيث كانت مساحة انتقاد النظام الحاكم وممارساته وفساد بعض أوساطه ضخمة لدرجة احرجت المعارضة بجناحيها الداخلي والخارجي، ولم تترك لها مجالاً في هذا الاطار.
المؤيدون للنظام الحاكم كانوا يتباهون بمساحة الحرية هذه، ويؤكدون ان كل التقارير الدولية التي تضع مصر في المرتبة المئة والثلاثين على صعيد الحريات الاعلامية غير دقيقة، بل ومتحاملة.
طفرة الحرية هذه كانت محصورة في وسائط الاعلام الخاص، المرئي منه والمكتوب، وهي وسائط مملوكة غالباً لطبقة رجال الاعمال الملتفة حول النظام والمستفيدة من وجوده، والمحمية من اجهزته الامنية، اما اجهزة الاعلام الحكومية فلم تتطور او تتغير الا بشكل طفيف، وبقيت على حالها تمجد النظام، وتغطي على سوءاته، وتشن حملات شرسة لارهاب خصومه واغتيال شخصياتهم.
في الاسابيع الاخيرة تبخرت هذه الطفرة، وشاهدنا النظام، ومن خلال رجال الاعمال الداعمين له، يبطشون ببعض 'رموزها' سواء من خلال عمليات شراء 'شكلية' لبعض الصحف المعارضة، مثلما هو حال صحيفة 'الدستور'، او باغلاق بعض الفضائيات وانذار اخرى بسبب خروجها عن سرب النظام وسياساته.
ابعاد الزميل ابراهيم عيسى من رئاسة تحرير صحيفة 'الدستور'، ومنع برنامجه التلفزيوني من محطة مملوكة لاحد حلفاء النظام، جسدا مرحلة 'البطش' الجديدة والشرسة التي تستهدف الاعلام والاعلاميين في مصر مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عن اسباب هذا الانقلاب المفاجئ وغير المتوقع لدى الكثيرين داخل مصر على وجه الخصوص.
الاجابة بسيطة وتتلخص في ان النظام عندما كان قويا، ورئيسه في صحة جيدة، اوعز الى طبقة رجال الاعمال المتحالفة معه، والمستفيدة منه، باطلاق محطات تلفزيونية، وصحف يومية، والسماح لها بزيادة جرعة النقد، لسحب البساط من تحت اقدام المعارضة، ومنافسة الاعلام العربي الخارجي، ومحطة 'الجزيرة' منه على وجه الخصوص. واعطاء رسالة للادارة الامريكية السابقة ومحافظيها الجدد الذين كانوا يدعون تصدير الديمقراطية ونشر الحريات، بأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح.
الآن الصورة تغيرت كليا، فالنظام لم يعد قويا، ورأسه مريض، وعملية التوريث تترنح، مما يعني انه لم يعد يستطيع تحمل مساحة الحرية الاعلامية المعمول بها، حتى لو كانت حرية منضبطة ومسيطرا عليها. ولهذا قرر اسدال الستار عليها بشكل قمعي تعسفي مثلما شاهدنا، منه خلال ما حدث في صحيفة 'الدستور' وبعض القنوات التلفزيونية الاخرى تحت ذرائع متعددة فشلت في اقناع الرأي العام المصري.